مقالات
أخر الأخبار

كيف نجح جاسم الحجي في كسب قلوب الملايين عبر توثيق التراث العراقي؟

في عصر تحوّلت فيه منصات التواصل الاجتماعي من مجرد وسائل ترفيه إلى أدوات مؤثرة في تشكيل الرأي العام والتسويق وصناعة الهوية، يبرز صانع المحتوى العراقي جاسم الحجي كواحد من أكثر الشخصيات تأثيرًا في المشهد الرقمي العربي.

من البدايات المتواضعة إلى النجومية الرقمية

بدأ الحجي، واسمه الكامل جاسم عبد الواحد علي حسين، رحلته بمشروع توثيق رقمي بسيط، يرصد من خلاله تفاصيل الحياة اليومية العراقية التي توشك على الاندثار. لكن أسلوبه العفوي، ولغته المميزة التي تمزج بين الفصحى واللهجة المحلية، جعلته يلامس قلوب الملايين، ليتحول سريعًا إلى أحد أبرز نجوم منصة تيك توك في العراق والعالم العربي.

اليوم، يتجاوز عدد متابعيه 1.1 مليون، ويحصد مقاطعه أكثر من 26 مليون إعجاب، مع فيديوهات تصل مشاهدات بعضها إلى الملايين، مما يجعله نموذجًا للنجاح في صناعة المحتوى الأصيل.

أسرار نجاحه: الصدق، الابتكار، والهوية الواضحة

يرى الحجي أن صناعة المحتوى الناجح تقوم على ثلاث ركائز أساسية:

  1. فهم الجمهور المستهدف: إذ يركز على احتياجات وميول متابعيه، ويقدم محتوى قريبًا من واقعهم.
  2. الابتكار المستمر: من خلال طرح أفكار جديدة ومختلفة، سواء في التوثيق أو الطرح الفكاهي أو الغنائي.
  3. الاتساق في الهوية والأسلوب: حيث يحافظ على شخصيته المميزة، التي تجمع بين الأصالة العراقية واللمسة الإنسانية.

ويؤكد أن الصدق هو العنصر الأهم في بناء الثقة مع الجمهور، قائلًا: “المحتوى الأصيل وحده القادر على جذب متابعين حقيقيين وترك تأثير دائم.”

توثيق التراث العراقي: ذاكرة بصرية للأجيال القادمة

لا يقتصر محتوى الحجي على الترفيه، بل يمتد إلى توثيق التراث العراقي المهدد بالانقراض. من الأسواق الشعبية والحرف اليدوية التقليدية إلى المهن النادرة والبيوت التراثية، يقدّم مشاهد تعكس عمق الهوية العراقية، محولًا مقاطعه إلى أرشيف مرئي يحفظ الذاكرة الجمعية للشعب العراقي.

كما يسلط الضوء على الحياة الريفية والصحراوية، مصورًا رحلات الصيد والمواقف اليومية بطريقة طريفة وموحية، مما يجعله قريبًا من شرائح متنوعة من الجمهور.

التحديات والرؤية المستقبلية

في حديثه عن تحديات عام 2025، يشدد الحجي على أهمية تعزيز الهوية الثقافية العربية من خلال تطوير المناهج التعليمية والبحث الثقافي، معتبرًا أن منصات السوشيال ميديا تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي بالتراث.

ويطمح إلى مواصلة تطوير محتواه، مع التركيز على الجودة والعمق، بعيدًا عن السعي وراء الشهرة السريعة، مؤمنًا بأن المحتوى الهادف هو الأبقى والأكثر تأثيرًا.

أكثر من مجرد صانع محتوى

جاسم الحجي ليس مجرد “إنفلونسر” عابر، بل هو راوٍ للقصص العراقية، وصانع ذاكرة مرئية تجمع بين الأصالة والحداثة. نجاحه الكبير دليل على أن الجمهور العربي يتوق لمحتوى أصيل، صادق، وقريب من القلب، وهو ما يقدمه الحجي بمهارة وإحساس فريد.

في زمن يتسارع فيه إنتاج المحتوى الرقمي، يثبت جاسم الحجي أن الجودة والصدق هما أساس البقاء والتميز، مما يجعله نموذجًا يُحتذى به في عالم صناعة المحتوى العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى